Monday, August 21, 2006

التائبون العابدون


ما الذى يجعلنا ننوى العمل و عبادة الله حق عباده و مع ذلك لا نعمل ؟ ما الذى يجعلنا نتحمس بعض الوقت ثم نعود لما كنا عليه بل اشد ؟ اذن فما الذى يؤخرنا عن نصر الله فى انفسنا و فيمن حولنا ؟ فى وجهة نظرى المتواضعه ان الذى يؤخرنا عن ذلك هى الذنوب التى ملأتنا و لا نتوب منها , فنشرع فى عمل شىء جديد دون ان نتوب على ما مضى و فات , و نشعر اننا نريد عمل المزيد و لكننا لا نستطيع و كأن عائق امامنا يمنعنا مما نريد فعله فنبحث عن هذا العائق و لكننا لا نجده , و لكن اذا تمعنا مع انفسنا لوجدنا ان العائق هى ذنوبنا التى جعلناها تزداد يوما بعد يوم دون توبة , تريدون دليل على كلامى , صح ؟ اذن سأقول لكم هذا الموقف الذى ذكر فى كتيب " فى بيتنا مرابط" و هو كالآتى : لما ارسل سعد بن ابى وقاص "رضى الله عنه " الى عمر بن الخطاب أمير المؤمنين يطلب منه المدد فى القادسيه , و كان جيش الفرس أكثر من مائتى ألف , فقال له عمر : من عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الى عبد الله سعد بن ابى وقاص : " يا سعد ..لا يغرنك أن قالوا خال رسول الله ..فمنذ متى و نحن ننتصر على أعدائنا بالعدد و العتاد .. انما ننتصر عليهم بطاعتنا لله و معصيتهم له , فاذا تساوينا فى المعصيه غلبونا بالعدد و العدة و العتاد . فانظر ما وقع فى جيشك من الوهن ( الضعف و حب الدنيا) , ففهم سيدنا سعد الرساله , و ذهب يحفز جنوده لا بالكلام و لا بالغنائم , و لكن بالعباده و الصلاه على وقتها ,و بالذكر و قيام الليل . ارائيتم هذا الموقف الذى يبدو للبعض انه موقف عادى , ارايتم كيف عالجوه؟ , اتوقفتم امام هذه المقوله " انما ننتصر عليهم بطاعتنا لله و معصيتهم له , فاذا تساوينا فى المعصيه غلبونا بالعدد و العدة و العتاد " , يا الهى من يحسب هذه الحسبة الان ؟! , من منا اصلا يعرف ذنوبه ؟ ! فالكثير منا يذنب و المصيبة الاكبر انه لا يدرى انه اذنب , ارائيتم ما اثر المعصيه ؟ , ارائتم اثر الطاعه ؟ و كما ذكرنا سابقا فى " شمولية الاسلام بين التطبيق و الاهواء" ان الصحابه فهموا معنى شمولية الطاعه و العباده و طبقوا ذلك , اعرفتم الان ايها الاحباب ما القيود التى تسلسلنا و تجعلنا فى اماكننا , فما استطعنا أن نقوم و ننفك من هذه القيود و ما استطعنا أن نجلس بحريتنا فى ظل هذه القيود و كأننا عاجزين. طبعا ايها الاحباب تريدون قناعات اكثر , اذن تعالوا الى كتاب الله و لنرى فى سورة التوبه قول الله عز و جل : " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقاًّ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ "111" التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِين"112""َ الا تلحظون ان فى الايه الاولى ذكر الله عز و جل المؤمنين الذين يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون و يقتلون و كلنا بلا استثناء نريد ان نكون مثل هؤلاء المؤمنين , اذن فلننظر الى الايه الثانيه ووصف هؤلاء المؤمنين , ما اول شىء ذكر ايها الاحباب فى صفاتهم ؟ اول صفه هى: "التائبون" , ارائيتم ان التوبه مهمه , فهؤلاء المؤمنين لم يعصموا من الذنوب و لكن كانت صفتهم " التائبون " , فهم دائمون التوبه من ذنوبهم كى يتححرروا منها و يتقربوا الى الله , فان التوبه هى البدايه التى ننطلق منها , فاذا اخلصنا النيه و توبنا توبة نصوحا كنا " العابدون " و هى الصفه الثانيه من هؤلاء المؤمنين و هنا العباده بفهومها الشامل كما ذكرنا من قبل,و اذا نظرنا الى اخر صفات لهؤلاء المؤمنين سنجدها " الامرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله , الم تلحظوا ان الامر ابتدأ بالتوبة و اصلاح النفس و انتهى بالانتهاء باصلاح الغير ,مما يبين لنا ان البداية للاصلاح او الانطلاقة من التوبة , اذن ان كانت الانطلاقه من هنا , و ان كنا عرفنا سبب تأخرنا فلنغيره اذن ولنتوب الان الى الله و لنصدق النيه فى هذه التوبه و لنتذكر قول الرسول (صلى الله عليه وسلم ):" و الله انى لأستغفر الله و أتوب اليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة " ياااااااااااه ان هذا هو رسول الله الذى غفر له ما تقدم من ذنب و ما تأخر , فما بالنا نحن ؟. اننى لن اتكلم عن التوبة كثير و خصوصا ان الكثير يعرف شروطها كالاقلاع عن الذنب و عدم العوده اليه و الندم و الاستغفار و عدم تسويفها ,و لكن ما اريده فعلا ان نتوب توبة حقيقه نستغفر الله فيها عن كل ما فعلناه و نصدق الله فيها بالعمل لعل الله يقبل هذه التوبه , فالنتوب اذن , ماذا ننتظرفالنقم الان و لنصل ركعتين نبكى فيهم و نتضرع الى الله و نتذلل اليه , فان كان احد منا الان لا يستطيع فعل ذلك لعدم اتاحة ذلك لعمل مثلا فليستغفر الله و لينوى التوبة فى قلبه و لا يجعل لسانه يقف عن الاستغفار حتى يذهب الى منزله و يصلى ركعتين لله يتوب فيهم عما مضى منه و لنصدق مع الله و لنعمل لهذه التوبة لعل الله يتقبلها . " اللهم انت ربى لا اله الا انت خلقتنى و انا عبدك و انا على عهدك ووعدك ما استطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك على و ابوء بذنبى فاغفر لى فانه لا يغفر الذنوب الا انت " ابوء : اى اعترف , فاللهم ارزقنا توبة خالصة لك يا الله

No comments: