نريد ان نتجرد , و لكن من اى شىء نتجرد ؟, و ما هو نوع التجرد الذى نريده فى كلامنا هذا ؟, التجرد الذى نريده هنا هو ترك شىء محبب بحب لاجل من نحب , و هذا المعنى استخلصته من موقف الحجاج , فهم يتركون الاشياء المحببة الى انفسهم من بيت و اولاد و شهوات عديدة بحب من اجل الله عز و جل , فلم يغصبوا على ترك هذه الاشياء , بل تركوها بكامل ارادتهم و بمنتهى الحب . كما اننا نجد فى الحج معنى التجرد يشمل التجرد من الحرام و التجرد من الحلال , بمعنى ان هؤلاء الحجاج تجردوا من معاصيهم و اعلنوا التوبة , فتجردوا من الاشياء المحرمة ؛ بالاضافة انهم تجردوا من الحلال , فنجدهم مثلا قد تجردوا من النوم من اجل اقامة المناسك و الذكر و القيام ؛ نجد الرجال قد تجردوا من ملابسهم بقطعتين من القماش لاجل الله عز و جل و العمل بما امر ؛ و الملاحظ هنا ان العامل المشترك هو التجرد لله عز و جل فى كلا الحالتين . و من هنا اريد القول : لماذا لا نستغل نحن هذه الفرصة و هذه الايام المباركة و نتجرد ايضا من ذنوبنا التى نصر عليها ؟, و ان كان هناك من تخطى هذه المرحلة فلماذا لا يرتقى الى الدرجة الاعلى و هى التجرد من الحلال؟ , و ان كان كلا الحالتين يتطلبوا من الشخص الصدق مع الله عز و جل و التوبة النصوح مع اخذ خطوة الى سبيل التجرد , فلا يقول شخص و هو يجلس على المقهى انه فعلا يريد ترك السجائر و انه صادق و بالرغم من ذلك مازال يجلس , و هنا انا لا اعارض المقهى كمكان , و لكننى اقصد ان هذا الشخص لم يتخذ خطوة الى التجرد من هذه السجائر قد تكون بترك المقهى او بترك صحبة سيئة او ...الخ . لذا علينا ان نكون صادقين مع الله و مع انفسنا و نتخذ خطوة حقيقية من اجل الاصلاح , نعم الاصلاح , لان القارىء قد يتوهم ان عملية التجرد هذه عملية روحية فقط غير مرتبطة باصلاح الفرد من الجوانب المختلفة و المجتمع من حوله , مع اننا اذا دققنا فى معنى التجرد لوجدنا انه اول خطوة فى طريق الاصلاح . فاذا تجرد الانسان من طمعه و الحكام من جشعهم لانتشر السلام فى الارض.
و من هنا سأكتب بعض الاشياء التى سنحاول سويا التجرد منها فى هذه الايام بالاستعانة بالله عز و جل و الصدقة و الدعاء و الصدق و التوبة .
الشىء الاول : التجرد من الغرور و الحقد
قد نقع فى الغرور بقصد او من غير قصد , فنجد الغرور احيانا يظهر فى طريقة كلامنا لاظهار اننا الاحسن و الاصح او فى سيرنا او من خلال بعدنا عن الفقراء و مساعدتهم من بعيد دون التقرب اليهم او من خلال عدم حمل حقيبة عيش مثلا بحجة " البرستيج" او ....او ,,,الخ ؛ و قد نقع فى الحقد على اشخاص اخرين لتحقيق نجاحات معينة لهم , فنجد صدرنا احيانا يضيق لهم و لا يتمنى لهم الخير , و امثلة من ذلك كثيرة . قد يتسائل البعض لماذا اخترت هذين الشيئين كأول شىء من معانى التجرد ؟, و الاجابة انى اخترتهم لعدة امور اولها انى لاحظت ان معظم المشاكل فى وقتنا الحالى تنتج من هذين الشيئين , و هذا لان الحقد يولد بالقلب الضغينة و الغرور يولد الكبر , فنجد مشاكلنا محصورة بين ضغينة و كره و بين اشخاص لا يريدون التنازل عن غرورهم و كبرهم من اجل الاعتراف بالخطأ و التسامح و الاصلاح , مع اننا فى وقت نحتاج الى ان نضع الساعد فوق الساعد , فى وقت نحتاج الى التعاون بشكلى عملى بدون غرور و حقد , بل تعاون بمحبة ؛اما السبب الاخر لما يولد التجرد من هذه الاشياء من معانى سامية و سماحة صدر تجعل الناس يعيشون فى سلام اكثر و هدوء و استقرار .
بذلك اكون قد انتهيت من الشىء الاول الذى يتطلب منا الصدق مع انفسنا و البحث فى اغوار النفس و خباياها عن الاشياء التى قد تدل على الغرور و الحقد و نحاول التجرد من هذه الاشياء فقط لله عز و جل , مع الدعاء و الصدقة بنية ان الله عز و جل يرزقنا التجرد من هذا الشىء .
مازال للحديث بقية و لمعانى التجرد تكملة فالنستمر معا بأذن الله فى خطوات الى طريق التجرد الاصلاحى .
1 comment:
السلام عليكم
عرض جذاب متناسق لأفكار أجمل
يا ترى ماذا بعد التجرد أظنه السمو, فالإنسان حين يتجرد مما يثقله ويشده إلى الأرض " من معاصى, وبغض, وحسد....الخ ", فإنه يسمو إلى عالم أرحب وأوسع وأجمل, وربما إلى السماء بقلبه وروحه حيث الذين أنعم الله عليهم
فالأنبياء هم سادة هذا التجرد الذى نتحدث عنه
وما علينا إلا أن نحاول.. ونحاول.. ونحاول .. أن نصل إليهم
فذلك خير من أن نقول نحن بشر غير معصومون
شكرا لك
السلام عليكم
Post a Comment